كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن مخزون بلاده الجديد من الأسلحة النووية "التي لا تُقهَر"، وذلك بعرض مقطع فيديو بياني يُظهِر قذائف صاروخية تتهاطل على ولاية فلوريدا الأميركية.

لكن لماذا قد تريد روسيا استهداف ولاية "الشمس المشرقة" في حال حدوث حرب نووية؟

تُعد فلوريدا موطناً للأماكن السياحية الجذابة مثل منتجع عالم والت ديزني وحديقة إيفرغليدز الوطنية، لكنَّها أيضاً تحتوي على أهداف أكثر أهمية مثل منتجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في "مار آلاغو"، وفقاً لما ذكره موقع "بي بي سي"، أمس الخميس 1 مارس/آذار 2018.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية، دانا وايت، إنَّ البنتاغون لم "تندهش" من خطاب بوتين، وقللت من شأن التهديدات الروسية بالإشارة إلى أنه "ينبغي للشعب الأميركي أن يبقى مطمئناً أنَّنا على أتم الاستعداد".

هل تنجو المخابئ من الاستهداف؟

وتوجد العديد من المخابئ النووية في منتجع مار آلاغو، الذي يملكه ترامب في ولاية فلوريدا وقضى به عدداً من عطلات نهاية الأسبوع منذ توليه الرئاسة.

وكانت وريثة شركة بوستوم سيريال كامباني التي شيَّدت هذا المنتجع عام 1927 قد نصبت ثلاثة من هذه المخابئ أثناء الحرب الكورية.

ويوجد مخبأ آخر من القصف في ملعب الغولف الخاص بترامب على بعد أميالٍ قليلةٍ في مدينة ويست بالم بيتش (أسفل الحفرة الثانية وفقاً لمجلة إسكواير الأميركية)، بينما أُنشئ مخبأ آخر للرئيس الأميركي الراحل جون كينيدي في مكانٍ ليس ببعيد عن منتجع مار آلاغو، إذ يقع في جزيرة بينات التي تبعد مسافة 10 دقائق عن منزل بالم بيتش الذي أقام به كينيدي في كثير من الأحيان.

مع ذلك، وبرغم إنشائها ببراعة، لن ينجو أي مخبأ من ضربةٍ مباشرة، حسبما قال خبراء.

وقد يكون هناك هدف عسكري آخر هو القيادة المركزية الأميركية (تعرف أيضاً باسم "سنتكوم")، التي يقع مقرها الرئيسي في قاعدة ماكديل الجوية بمدينة تامبا، وهي مسؤولة عن مسرح العمليات الأميركية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وشمال إفريقيا.

لكنَّ محللين قالوا إنَّه من غير المرجح أن تكون فلوريدا هدفاً رئيسياً في حال حدوث حرب نووية.

الباحث الأميركي ماثيو كرونيغ، قال في كتابه "The Logic of American Nuclear Strategy" (منطق الاستراتيجية النووية الأميركية) إنَّ أولوية روسيا قد تكون هي إضعاف القدرة الانتقامية للولايات المتحدة.

وأضاف كرونيغ أنَّ روسيا ربما تستهدف الصوامع النووية الأميركية في قاعدة مالستروم الجوية بولاية مونتانا، وقاعدة مينوت الجوية بولاية نورث داكوتا، ومقر القيادة الاستراتيجية الأميركية بقاعدة أوفوت الجوية في مدينة أوماها بولاية نبراسكا، وقاعدة وارن الجوية التي تمتد على حدود ولايات وايومنغ وكولورادو ونبراسكا.

وقد تهدف روسيا أيضاً إلى تدمير اثنتين من قواعد الغواصات الاستراتيجية الأميركية في كلٍ من مدينة بانغور بولاية واشنطن ومنطقة كينغز باي بولاية جورجيا، بالإضافة إلى نحو 70 قاعدة عسكرية أميركية أخرى في مختلف أنحاء البلاد، حسبما ذكر كرونيغ.

وأشار تقرير "بي بي سي" إلى أن روسيا قد تطلق صاروخين على كلٍ من المدن الأميركية الـ131 الأكثر ازدحاماً بالسكان؛ لتدمير قدرتها الصناعية وإلحاق دمار هائل بها، مع التركيز على استهداف مركز القيادة والتحكم بالعاصمة الأميركية واشنطن.

وقال مارك فيتزباتريك، المدير التنفيذي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بواشنطن، لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي: "أن تعرض مقطع فيديو للهجوم على فلوريدا فهذه ليست استراتيجية حرب".

وأضاف قائلاً: "هذه رسالة. تكمن الرمزية في المقطع نفسه. إنَّه تباهٍ خطابي".

رد أميركي

وفي تعليقها على تهديدات بوتين بالأسلحة الفتاكة التي تملكها بلده، اعتبرت الولايات المتحدة أن تباهي الرئيس الروسي بالصواريخ الجديدة في ترسانة بلاده النووية "عمل غير مسؤول، ودليل على أن موسكو تنتهك معاهدات الحد من الأسلحة".

ودانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت ما كشفه زعيم الكرملين خلال خطاب عن التكنولوجيا الجديدة بواسطة عرضٍ مرفق بصور ورسوم بيانية تظهر صواريخ تضرب الولايات المتحدة، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.

وقالت للصحافيين: "هذا شيء لا نستمتع بمشاهدته بالتأكيد. لا نعتبر ذلك سلوكاً مسؤولاً للاعب دولي"، وأضاف أن "الرئيس بوتين أكد ما كانت حكومة الولايات المتحدة تعرفه منذ فترة طويلة والذي كانت روسيا تنكره قبل ذلك".

وأوضحت أن "روسيا تعمل على تطوير أنظمة أسلحة تقوض الاستقرار لأكثر من عقد في انتهاك مباشر لالتزاماتها بالاتفاقيات".

واعتبرت المسؤولة الأميركية أن روسيا أثبتت أنها انتهكت على الخصوص اتفاقية الأسلحة النووية المتوسطة المدى المبرمة عام 1987، عبر تطويرها صواريخ كروز يتم إطلاقها من البر.

واتهمت واشنطن موسكو مراراً بانتهاك هذه الاتفاقية، ورغم أن الولايات المتحدة تطور ترسانتها النووية إلا أنها تصر على أنها تظل ملتزمة بشروط المعاهدة الموقعة في ظل الحرب الباردة.

 

المصدر هاف بوست عربي